إطلاق مشروع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وخطتها التنفيذية

 

برعاية دولة رئيس مجلس الوزراء السيد سعد الحريري، وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أطلقت وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية مشروع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والخطة التنفيذية، خلال مؤتمر وطني بعنوان : "إستراتيجية مكافحة الفساد...نحو مستقبل أفضل" في السراي الحكومي ببيروت.

عرضت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية معالي الوزيرة عناية عز الدين مشروع الاستراتيجية وتلتها كلمة مديرة برنامج الأمم المتحدة الانمائي في لبنان السيدة سيلين مويرو ثم كلمة دولة رئيس الحكومة السيد سعد الحريري ممثلاً بوزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد،  السيد نقولا تويني

افتتحت الوزيرة عز الدين المؤتمر بالتأكيد على أهمية مكافحة الفساد في لبنان، ودور الاستراتيجية الوطنية في الوصول إلى تعزيز الشفافية والمساءلة، موضحة الأسباب الكامنة وراء الفساد وآليات تنفيذ أهداف الاستراتيجية من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتابعت: "يمكن للقائنا اليوم أن يكتسي طابعا تاريخيا وطنيا جامعا، لأنها المرة الأولى التي نشهد فيها في لبنان إعلان وثيقة مماثلة في محاولة لوضع حد لدوراننا في حلقة مفرغة فيها الكثير من الكلام والقليل من الفعل وندرة في الآليات وغياب للتفعيل. وأقول ذلك لأنني اكتشفت في ضوء تجربتي الوزارية خلال السنتين الماضيتين أمور عدة ذات صلة، ومن بينها وجود، إلى جانب القضاء والأجهزة الرقابية المعروفة، آلية لبنانية قائمة فعلا لمكافحة الفساد، تتمثل بلجنة وزارية ولجنة فنية معاونة لها أنشئتا في عام 2011 تنفيذا لالتزامات لبنان في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ولكنها لم تلق الاهتمام الكافي لا من الدولة ولا من المواطنين ولا حتى من شركاء لبنان في المجتمع الدولي."

وأردفت: "قرارنا في وزارة الدولة للتنمية الادارية المنسجم مع قرار حكومة استعادة الثقة كان البناء على الآلية المذكورة وتطويرها. ومن هنا، كان العمل الذي بذلناه، بالتنسيق مع وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد وسائر الوزارات والأطراف المعنيين في السلطتين التشريعية والقضائية، وفي القطاع الخاص والمجتمع المدني، وبالتعاون الوثيق بين فريق الوزارة وخبراء إقليميين ودوليين من الامم المتحدة، وتحديدا برنامجها الإنمائي من خلال مكتبه الوطني في لبنان ومكتبه الإقليمي في الدول العربية. وقد استطعنا بعد جهد كبير، ورغم التحديات العديدة، من إنجاز هذه الوثيقة، التي تعتبر خطوة اساسية، ولكن ربما الأولى على طريق الألف ميل".

وتابعت عز الدين: "كل الشكر لفخامة رئيس الجمهورية ميشال عون على دعمه، ولدولة رئيس مجلس النواب نبيه بري على مواكبته، ولدولة رئيس الحكومة سعد الحريري لرعايته، ولأعضاء اللجنتين الحكومية والفنية وللقيمين على برنامج الامم المتحدة الإنمائي، الذي مكننا من ترجمة الاستراتيجية الى مشروع مخطط للتنفيذ. وأخص بالذكر السيدة سيلين مويرود مديرة المكتب الوطني، وسائر الخبراء المشاركين من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وفي ختام كلمتها، عرضت عز الدين ملخصا عن الوثيقة.

من جهتها أعربت مويرو عن سعادتها للمشاركة في اطلاق المشروع مثمنة “دور الحكومة اللبنانية وسعيها الى مكافحة الفساد وبناء الثقة بين الشعب اللبناني وسلطته”.

وشددت على دور الامم المتحدة في المساعدة على نشر القوانين التي تحد من عمليات الفساد ولفتت الى “ضرورة توافر استراتيجيات لمكافحة الفساد في المنطقة والعالم وأهمية التعاون بين القطاعين العام والخاص في هذا المجال".

بدوره ألقى تويني كلمة الحريري، وقال: "أود التقدم بالشكر لدولة الرئيس سعد الحريري لرعايته لهذا الحدث، وكذلك لمعالي الوزيرة عناية عز الدين وطاقم وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، وطاقم وزارة الدولة لشؤون مكافحة الفساد المتطوع وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أرى ان هذه الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد هي حدثا مهما في تاريخ استعادة الحقوق والحد من الظلم الاجتماعي في لبنان".

"نجتمع اليوم لاطلاق خطة عمل لتنفيذ استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد في لبنان. فساد مستشر منذ سنين، فساد منظم ومحمي ومتحكم، ولا شك ان الاكثرية الساحقة من الشعب اللبناني تطالبنا يوميا بمحاربة هذا الفساد ومكافحته بكل الطرق والوسائل لدرء الخطر".

ان إقرار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ومخططها التنفيذي هو تطبيق لما التزم به لبنان عند توقيعه الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، وتحديدا المادة الخامسة منها وفي لبنان، يكاد يصيب الفساد جميع مجالات الحياة، العامة والخاصة، ويصل إلى أعلى درجاته في المجالات التي تتكون بطبيعتها من أموال عامة، كصفقات الأشغال واللوازم والخدمات التي تجريها الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات، بالإضافة إلى مجالات الضرائب والرسوم الجمركية والعقارية، وقطاعات الكهرباء والمياه والنفط والغاز والاتصالات والصحة والبيئة والنفايات.

تظهر استطلاعات الرأي المحلية قناعة معظم اللبنانيين أن الفساد بات وباء يتفشى ويتمدد ويضرب بقوة في كل مكان وعلى امتداد مساحة الوطن، وهذا ما تؤكده المؤشرات العالمية ذات الصلة، حيث سجل لبنان على سبيل المثال 28 نقطة على مؤشر مدركات الفساد للـ"شفافية الدولية" في سنة 2017، والذي يتراوح مقياسه بين صفر (الأكثر فساداً) ومئة (الأقل فساداً)، كما سجل -0.97 والذي يتراوح مقياسه من -2.5 نقطة (الأقل سيطرة على الفساد) إلى +2.5 نقطة (الأكثر سيطرة على الفساد)، مما وضع لبنان في مصاف الدول التي لم تتخط علامتها المعدلين الإقليمي والدولي لهذين المؤشرين.

إن تحديد أسباب الفساد يشكل نقطة الانطلاق في الطريق إلى مكافحته لأن التشخيص الصحيح للآفة والمرض يسمح بوصف العلاج الناجع والدواء الشافي له. غير أن أسباب الفساد تبدو متعددة للغاية وتختلف حدتها بين مجتمع وآخر ومن دولة إلى أخرى، تبعاً لطبيعة كل منها والقيم السائدة فيها والنظم والعادات والتقاليد التي تحكمها والعوامل السياسية والفكرية المتأثرة بها. بالإضافة إلى كفاءة الجهاز الإداري العام فيها.

أما في لبنان، فتتنوع أسباب الفساد لتأخذ أشكالاً مختلفة والتي يمكن تقسيمها إلى أسباب سياسية وإدارية واجتماعية، وأخرى متعلقة بنقص في تشريعات مكافحة الفساد.