مشغره: الحفاظ على الأسطورة

6 فبراير 2018

--- Image caption ---

تقع بلدة مشغره في منطقة البقاع الغربي من لبنان، المعروفة تاريخيا بكونها مقر الإقامة الصيفي للأمير فخر الدين المعني. وهي البلدة التي خلدت فيروز اسمها في أغنية "يا قمر مشغره". وقد ورد في كتاب الشيخ حسين أحمد الخشن مشغره في التاريخ أن عمر مشغره 1100 عام، وأن الاسم الأصلي للبلدة كان مُغره. ويشير الكتاب أيضا إلى أسطورة محيطة بأصل الاسم الحالي للبلدة، حيث يروي أن الأمير حيدر الشهابي قال ذات مرة: "وقيل إنها مشغره، وهذا صحيح"، نظرا  لتميز البلدة بالمياه الغزيرة المتدفقة من ينابيع التنور، والضيعه، والكنيسه وأبو زيد. ويحتمل أن يكون الاسم مشتقا من الفينيقية أو العربية "مشغر"، وهي كلمة ذات معان متعددة في المعجم. وقد خلصت الآراء إلى أن كلمة "مشغر"، في سياق وفرة الماء في البلدة ، تعني "تدفق المياه بغزارة وقوة".

ولا تزال البلدة تنعم بالعديد من الينابيع الذي تنهل منها المياه المستخدمة بصورة رئيسية في الزراعة. وتشكل الأراضي الزراعية نسبة ٣٠ في المائة من مجموع مساحة البلدة، حيث يعتمد أكثر من 2250 نسمة على الزراعة مصدرا أساسيا للدخل. بيد أن البنية التحتية التي مضى على تأسيسها50 عاما، والمكونة من قنوات ترابية وخرسانية، عاجزة عن إمداد المحاصيل بما يكفي من المياه نتيجة تسرب كميات كبيرة من هذه الأخيرة.

وتشكل الأشجار المثمرة أهم المحاصيل الزراعية، حيث تصل نسبة محصول التفاح إلى ٨٠ في المائة، إضافة إلى بعض محاصيل العنب والزيتون والكرز والإجاص. ويجري أيضا زراعة بعض المحاصيل الشتوية، مثل القمح والشعير. ورغم مبادرة البلدية قبل عشرة أعوام إلى تجديد بعض القنوات وتنفيذها على مر السنوات أعمال صيانة أساسية لتلك القنوات، لا تزال هذه الأخيرة في حالة سيئة. ومع تزايد الضغط على شبكة المياه في البلدة نتيجة ارتفاع عدد النازحين السوريين الذين لجأوا إليها، بات الطلب على المياه يتجاوز طاقة الامداد المتوافرة، خصوصا خلال فصل الصيف. وخلال المواسم التي تشهد ارتفاعا في الطلب، لا تكفي الينابيع التي تزود مشغره بالمياه لري المناطق الزراعية كافة. نتيجة لذلك، عملت وزارة الطاقة والمياه بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبتمويل من حكومة ألمانيا ومؤسسة التنمية الألمانية، على تحسين نظام ري الأراضي الزراعية البالي في مشغره عن طريق تشييد قنوات المياه فيها وتجديدها. وقد تم إعادة تأهيل/ تشييد أكثر من 11 كيلومترا من القنوات وخلق العديد من الوظائف.

وقد عاد المشروع بفائدة جمة على البلدة حيث ساهم في زيادة إمدادات مياه الري، ما أدى إلى تخفيف الضغط الناجم عن ارتفاع الطلب خلال موسم الري (بين شهري نيسان/ أبريل وأيلول/ سبتمبر). ومن ثم، ساعد المشروع سكان البلدة البالغ عددهم ٢٢٥٠ نسمة ممن يعتمدون على الزراعة في تحصيل عيشهم، حيث ساهم في الحد من إنفاقهم على شراء المياه وزيادة مساحة ريهم. فضلا عن ذلك، ساعدت عملية إعادة  تشييد القنوات في خلق فرص عمل، خصوصا للاجئين السوريين. وقد ساهم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تعزيز عملية التنمية في البلدة، لا سيما زيادة تدفق المياه داخلها، ما ساعد في الحفاظ على الأسطورة المحيطة بأصل اسم البلدة.