برنامج النقد مقابل العمل: المساهمة في إحياء الأمل وحفظ كرامة الإنسان

19 أبريل 2021

مالكة البالغة من العمر 40 سنة تقف برفقة بعض أفراد أسرتها أمام خيمتهم في قرية حبيل برق في مديرية با تيس، محافظة ابين. | الصورة: لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي/2021

نتيجة للحرب الدائرة في اليمن، أصبح الحصول على المياه وخدمات الصرف الصحي الملائمة بصورة منتظمة أمراً بالغ الصعوبة. بل إن الوضع إزداد سوءً لدى المجتمعات المحلية الأشد تأثراً بالحرب ولدى النازحين داخلياً. ولدعم هذه المجتمعات، موّل الاتحاد الأوروبي مشروع الحماية الاجتماعية في اليمن منذ منتصف عام 2017.

وينفذ مشروع الحماية الاجتماعية برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عبر الصندوق الاجتماعي للتنمية بحيث يشمل عدداً من التدخلات، من بينها فرص إدرار الدخل لتخليص آلاف الأسر اليمنية من براثن الفقر المدقع والبطالة.

وأسهم برنامج النقد مقابل العمل التابع للمشروع في تحسين دخل ومعيشة الأسر وتعزيز القدرة الشرائية للمجتمعات المحلية المتضررة، بالإضافة إلى استعادة البنية التحتية للمجتمعات المحلية وتحسين فرص الحصول على الخدمات الأساسية. ووفر المشروع الموارد والمهارات والأدوات للأسر المتضررة جراء الصراع في قرية حبيل برق - في محافظة أبين جنوب اليمن - حتى تتمكن من الوقوف على قدميها مرة أخرى، مساهماً في تجديد الأمل ومساعدة الأسرة على استعادة كرامتها.

إعالة أسرة مكونة من إحدى عشر فرداً

تضررت عائلة مالكة محمد، البالغة من العمر 40 سنة، تضرراً شديداً جراء الصراع الدائر، خاصةً بعد نزوح الأسرة وموت زوجها، حيث أصبحت هي المُعيل الوحيد لأطفالها العشرة.

واضطرت أسرة مالكة إلى النزوح إلى محافظة أبين بعد اندلاع الحرب في المخا الواقعة في غرب محافظة تعز. واستغرقت رحلتهم الشاقة هرباً من الصراع يومين كاملين. تقول مالكه بصوت مليء بالحسرة: "لا يمكننا العودة إلى بيوتنا بعد أن دمرتها الاشتباكات هناك".

وكان ابناء مالكة العشرة يعتمدون بشكل رئيسي على والدهم الذي كان يعمل سائق باص ليعول أسرته. وبعد وفاته قبل بضعة أشهر فقدت الأسرة مصدر دخلها الوحيد مما أُضطر مالكه وأبنائها الكبار إلى البحث عن عمل لتوفير قوت الأسرة المكونة من إحدى عشر فرداً. وتسهب مالكة قائلة: "عَمِلنا مقابل أجر يومي زهيد؛ في تجميع اعلاف المواشي والحطب من المزارع المجاورة." وكانت أسرة مالكة تتحصل على مساعدة محدودة قبل وصول برنامج النقد مقابل العمل إلى قرية حبيل برق. وكان مشروع بناء الحمامات هو المشروع الأول الذي عاد بالنفع الكبير على المجتمع المحلي.

وقام الصندوق الاجتماعي للتنمية بتنفيذ مشروع بناء الحمامات ضمن برنامج النقد مقابل العمل التابع لمشروع الحماية الاجتماعية. حيث قام المشروع بتوفير فرص عمل للأسر المتضررة من الحرب بالقرب من منازلهم وبعيداً عن أماكن الاشتباكات المسلحة، فضلاً عن توفير مرافق صرف صحي آمنه بالقرب من منازلهم.

وبالعمل ضمن البرنامج تلقت مالكة مبلغ 370,000 ريال يمني مقابل عملها انفقتها على مواد البناء وتوفير احتياجات الأسرة والاهتمام بطفلها الصغير. وتوضح مالكة قائلة: "نحن في غاية الامتنان لهذا الدعم وأثره الكبير على حياتنا، فقد ساعدنا على تأمين نفقات اسرتنا وشراء ما نحتاجه."

وتتذكر مالكة في معرض حديثها عن وضع الأسرة قبل بناء مراحيضهم قائلة: "كانت هناك الكثير من المشاكل بسبب انعدام الحمامات، وهو ما جعل حياتنا الصعبة أكثر سوءً، ناهيك عن الرائحة الكريهة وخطر الإصابة بالأمراض." 

وتضيف مالكة في وصف الوضع السابق بقولها: "كنا نضطر للذهاب إلى العراء لقضاء حاجتنا، وكان الأطفال احياناً يتعرضون إلى لدغات الثعابين والعقارب أو الاصابة بالأشواك. بل أن الأمر كان أشد سوءً في الليل نظراً لانعدام الإضاءة حيث كان الأطفال يشعرون بالخوف الشديد، ولطالما بقيت قلقة على سلامتهم."

واستفادت أسرة مالكة وغيرها من الأسر من تدخل مشروع الحماية الاجتماعية الذي ساهم في تحسين ظروف عيشهم واحيا أملهم باستمرار تحسن أوضاعهم المعيشية.

مَوّل الإتحاد الأوربي مشروع الحماية الاجتماعية (SPCRP) في اليمن ونفّذه بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)  والصندوق الاجتماعي للتنمية (SFD). وساهم مشروع الحماية الاجتماعية، الذي بلغت تكلفته 28 مليون دولار أمريكي، في تعزيز القدرة الشرائية للمجتمعات الضعيفة مع استعادة البنية التحتية المجتمعية وتحسين الوصول إلى الخدمات الرئيسية وتقديمها من خلال توفير فرص عمل مؤقته، وتوفير معدات الطاقة الشمسية وإعادة تأهيل مرافق الرعاية الصحية، وبناء قدرات المجتمعات والسلطات المحلية.